صورة الإنسان عن نفسه " الإيجو" أو الإيكو ".

 صورة الإنسان عن نفسه " الإيجو" أو الإيكو ".


نعلم أن كل  إنسان يحمل عن نفسه صورتان ، صورة فطرية كما خلقها الخالق " روحية "، وصورة مزيفة وهي تلك التي تكونت من الناس وعلى الناس ، وهذه الصورة هي التي تسمى ''الإيجو'' .

فالإيجوهو مصطلح يطلق على أناس يعيشون على الوهم ، وعلى الأكاذيب ، ويبنون صورة مزيفة عن أنفسهم ، بالرغم من أنهم  على دراية بذلك لكن تحكم الايجو اقوى من يستطيعوا تجاوزه دون وعي وفهم للايجو، والفرق بينه كصورة مزيفة وبين الصورة الحقيقية .

 فالإيجو، حالة تختفي وراء العديد من المسميات : كالغرور، والكبر، والكرامة ، والكبرياء … فغالبا هؤلاء الناس يرددون عبارات من قبيل : " كرامتي فوق كل شيء "، "هل تعرف مع من تتكلم "، أو "ابن من أنا !؟ "…. كما ان لديهم رهبة كبيرة من صورتهم أمام الناس .

فهم لا يقومون بأي فعل إلا من أجل الاخر ، فهؤلاء الناس الذين يعانون من الإيجوالمرتفع  حياتهم  مرتبطة حرفيا بنظرة الاخر ورأيه ،  لذلك دائما ما تجدهم يلهثون وراء المثالية وإعجاب الناس ولديهم خوف مرعب من نظرة الاخر .

فمثلا : عند ارتداء الشخص الذي لديه ايجو مرتفع لباسا ، لن يلبسه من أجل نفسه ، تجده دائما يتساءل ، كيف سيراه الناس !؟ ، وهل سيثير اعجابهم !؟

أو في الصدقة مثلا ، في الصورة الفطرية الحقيقية يتصدق الانسان من اجل الله سبحانه ، دون الاهتمام لمن يراه ، بل يسعى الى اخفاء الصدقة ، بينما تجد صاحب الايجو لن يتصدق الا لاثارة اعجاب الاخر وسماع عبارات الثناء والاعجاب ، فشخص الايجو لا يعطي دون مقابل ابدا بل مستحيل .

أو عند الظلم مثلا ، الانسان ذو الصورة الفطرية والحقيقية يفكر بان الذي ظلمه يلقى جزاءه عند الله فيصبر ويسامح ، ولا يكثرت لامر الناس وماذا ستقول !؟، لانه على يقين أن هناك اله سياخذ حقه ، بينما في حالة الايجو لايكون هذا الامر، اذ  تجد الشخص مع نفسه يفكر في الانتقام ، والمقاطعة لان صورته امام الناس لن تسمح له بالتنازل ، حيث يفكر أنه اذا قام بالسماح فسيراه الناس أنه ضعيف الشخصية ، وسيتمادى عليه الناس ، وانه مغلوب على أمره … الخ فتجده مجبر على الانتقام أو مقاطعة الشخص حتى وإن كان هذا الامر غير مقتنع به ، ويؤلمه لكنه رغم ذلك تجد له القدرة على ملىء قلبه بالحقد والكراهية والعيش في عذاب من أجل أن لا تنخدش صورته أمام الناس . 

فالايجو كما رأينا هي صفة تطلق على أناس مهووسين بالصورة الاجتماعية ، أو المقام العلمي ( كالتباهي بالمنصب )، وحتى الشكل الخارجي وكيف يبدو أمام الاخر.

 هؤلاء الناس مستحيل تعيش بدون مظاهر لدرجة أنهم نسوا حقيقتهم ، وفطرتهم الروحية التي خلقوا عليها.

كيفية التمييز بين الايجووالصورة الحقيقية :

 الشخص الذي يعاني من الايجو هو شخص سهل كشفه ، حيث يظهر من خلال تصرفاته ان لديه مشاكل على مستوى الايجو ، فهو:

 شخص يميل دائما للعيش في الماضي .

 يخاف من المستقبل .

شخص سلبي دائما لا يخرج من مشكلة حتى يدخل في أخرى ، بكثرة سلبيته يجذب السلبية لحياته .

متظاهر دائما ، ومرتبط بالاخر ونظرته .

صورة شخص الايجو مرتبطة دائما بالاخر ، وبنظرة المجتمع ، وفي نظره ما يراه ويقوله الناس عنه أهم من كل شيء ، فهويعيش فقط لارضاء الاخر ولهذا فهو دائما في تساءل و عذاب وبحث عن طريقة ارضاء الكل ، ولا يقتنع بفكرة أنه انسان ، وغير مثالي وأنه يتقبل النقد . فهو انسان يكره النقد حتى وان كان بناءا فلا يستطع تجاوزه . 

كما انه لا يتقبل ان يرفضه شخص ما دائما يسعى لارضاء الجميع ، ناسيا ان ارضاء الناس غاية لا تدرك ، لكنه لايؤمن بها ، ولا يقتنع بانه انسان غير كامل ومن الطبيعي ان لا يحبه الناس جميعا . بالنسبة لشخص الايجو ضروري أن ينال إعجاب الناس وأن يحبه الجميع ومستعد لفعل المستحيل لان ينال اعجابهم .

شخص الايجو دائما ينتظر التقدير والتشجيع ، والاعجاب من الاخرين لدرجة أنه لا يقوم باي فعل الا بمقابل .

لديه هوس بشيء معين اما السلطة ، أو النجاح ، أو الشهرة ، أو الجمال …، أو خليط بين اثنين أو أكثر .

شخص الايجو يحب الأخذ أكثر من العطاء . ويطلب المقابل مقابل كل شيء فتجده دائما يتساءل عن ماذا سيجني من وراء هذا العمل ؟ حتى أن سعادته في الأخذ أكثر من العطاء. 

يعقد الامور البسيطة ويضخمها .

هو شخص غير صادق مع نفسه ، وتقديره عن نفسه منخفض جدا.

هوشخص يعيش دائما على الماضي ، ولديه خوف من أن يتكرر .

شخص عصبي ، ومتوتر وقليل الصبر .

لا يقبل  بثاثا الانتقاد ، ولا حتى كلمة نقد ، فبمجرد سماعها يثور ويغضب .

حياة شخص الإيجو أو صاحب الصورة المزيفة ، فيها عذاب وفيها طمع ولحظة تعالي فظيع ، إذ لا يكتفي أبدًا ولا يقنع ، ودائما ما يجري وراء  سراب غير محدد المعالم لشفاء تقدير ذات ضعيف وبلا جدوى .

كما أن شخص الإيجو لا يرضى أن يكون رقم اثنان ، يحب كثيرا رقم واحد لأنه يحب التباهي و يستهزئ بمن هم اقل منه .

شخص الايجو مستحيل يقبل أو يعترف أنه على خطأ ، حتى وإن كان فله طاقة غريبة لاثبات العكس .

  شخص الايجومستحيل أن يعتذر أو يطلب السماح ، حتى لو كان على خطأ حتى لا تخدش صورته المثالية امام الناس .

 وهذه امور من بين  الامور التي لن تجدها ابدا في الشخص الذي يتحكم في الايجو وصورته عن نفسه متوازنة . 

هل كل الناس لديها إيجو ، أو صورة مزيفة عن نفسها واخرى حقيقة ؟ 

طبعا ، كل الناس لديهم صورتان عن أنفسهم ، فقط تكون بنسب متفاوتة ، فهناك من يعي ويراقب نفسه وله القدرة على التعامل بالفطرة والصورة الحقيقية والروحانية التي خلقه الله بها ، ويعمل كل شيء لله سبحانه ، بغض النظر عن رأي الناس بل لا يهتم و لا يكثرت لما يقوله الناس أو كيف يرونه ، لانه يفعل كل شيء مستحضرا ان الله يره ، بينما الفئة الأخرى  التي لديها مشاكل بالايجو فتتعامل بالصورة المزيفة ، وتخاف من قول الناس ونظرتهم عنهم أكثر من خوفهم من الله !، وهذه الفئة سخرت نفسها لارضاء المجتمع فقط . وتدعي المثالية ولا تقبل أبدًا فكرة انه من المستحيل ان يحبك الناس جميعا .

باختصار الذات الحقيقية تهتم بالقيمة بينما تهتم الذات المزيفة بنظرة المجتمع وأحكامه !

أسباب الايجو :

تلعب التربية دورا هاما في ترسيخ أسس الايجو عند الانسان ، حيث يتم زرع افكار في الصغار منذ الطفولة من قبيل :" إياك أن تفعل كذا والا سيقول عنك الناس …، أو ارتدي هذا حتى يراك الناس جميلا ، افعل هذا حتى تثير اعجاب فلان  وفلانة …

حيث تكون التربية مبنية على " حتى يراك الناس أو يسمعك  الناس أو حتى تنال اعجاب الناس …. وما دخل الناس فيك !؟ تربية تزكي الخوف من الناس اكثر من الله ! 

فالتربية المبنية على نظرة المجتمع والخوف من نظرة الناس ومما سيقولونه ، تولد لدى الطفل أفكار خاطئة عن صورته وتقديره عن نفسه وارضاء ذاته . فيصبح أسيرا للاخر ولنظرته .

حيث يكبر الطفل  ولديه فكرة العيش للاخر اكثر من العيش من اجل نفسه ومن اجل الله سبحانه وتعالى !

هل يمكن التخلص من الايجو ؟ 

نعم ، يمكن التخلص من الايجوويفضل ذلك ، لانه يعرقل حياة المرء سواء في العمل او في العلاقات العامة ، وذلك عن طريق :

الارتباط بالله بدل الناس ، والعمل على الصورة امام الله بدل الانسان .

رفع الوعي ، فكلما ارتفع الوعي لدى الانسان كلما قل الايجو ، لان العلاقة بينه وبين العلاقة الحقيقية والفطرية للانسان علاقة عكسية . 

الصدق :  فالانسان الصادق انسان يميز بين الحقيقة والسراب ، ويعرف مايريده وما لايريده .

تقوية الثقة بالنفس والرفع من تقدير الذات .

الاقتناع بفكرة ان ارضاء الناس غاية لا تدرك ، حيث أن لكل وجهة نظر مختلفة وليس بالضروري إرضاء الجميع ، وليس مهم أن يحبنا الجميع لأن الإنسان غير كامل ، والأذواق تختلف .

الرضا عن الذات وعدم الشعور بالإحراج أمام المجتمع . وليس بالضرورة مثلا إنقاص الوزن ، أو زيادته ، لاثارة اعجاب الناس ، تقبل النفس كما هي .

عدم التباهي بالعلم أو المنصب أو الاسم أو النسب أو المكانة الاجتماعية ، او استخدام هذه النعم التي من بها الله علينا أمام الغير بهدف التقليل أو التنقيص منه .

التعامل مع الأشياء على أنها وسائل لتسهيل الحياة وليس للتباهي كالسيارة الفاخرة ، والمنزل الفاخر ، و السفريات ووو….

دع الانجازات هي التي تتكلم وليس العكس .

محاولة تقديم إضافة للمجتمع وليس الى الناس .

عيش اللحظة وعدم التفكير في الماضي او المستقبل .

محاولة تقديم خدمات و مساعدات بدون مقابل . 

التدريب على القدرة على المسامحة .

تعليقات