التنمر : معنى التنمر ، أنواع التنمر ، أسباب التنمر وعلاجه .
معنى التنمر :
التنمر سلوك عدواني مقصود ، صادر من شخص تجاه شخص أو مجموعة أشخاص أو العكس ، قصد إحراجه ، و مضايقته ، وإشعاره بعدم الراحة .
والتنمر سلوك منبوذ اجتماعيا ودينيا ، كونه يمارس لإلحاق الاذى ، بشخص او مجموعة أشخاص ، او العكس كما سبق الذكر . بسبب طائفته ، أو لونه ، أو عرقه ، أو جنسه ، أو دينه ، أو شكله ومظهره .
وغالبا مايطال التنمر ، الشخص اللطيف ، أو الضعيف الذي لا يرد الإساءة عن نفسه .
أنواع التنمر :
ياخذ التنمر عدة أنواع ، وهي : تنمر جسدي ، وتنمر لفظي ، ، وتنمر اجتماعي ، و تنمر إلكتروني ، وتنمر مدرسي ، تنمر منزلي .
التنمر الجسدي physical bullying:
هذا النوع من التنمر يكون عنيف اذ يلحق الاذى بالمتنمر به جسديا ، أي يكون فيه اذى جسدي كالضرب ، و الركل ، و البصق ، و تدمير ممتلكات المتنمر به ، أو سلبها ... ويدخل تحت هذا النوع أيضا كل ما يسبب الأذى والإساءة الجسدية . من شخص أو مجموعة تجاه شخص ضعيف لا يملك قوة الرد . كما سنرى لاحقا .
تنمر لفظي verbal billing :
يعد التنمر اللفظي من أسوء أنواع التنمر وأخطرها ، لما يحدثه من اثار نفسية ، و عصبية ، وجسمية لدى المتنمر به .
و يطلق على التنمر اللفظي كل إساءة بالكلام ، تهدف إلى إهانة ، أوسب ، أوشتم أو استفزاز أو تحبيط المتنمر به ، كإطلاق أسماء قدحية تطال شكل المتنمر به ، أو لونه ، أو دينه … ، أو طريقة لباسه ، وكلامه ، و ضحكه ، وتفكيره ، أي كل ما يرهبه نفسيا ويضايقه ، ويسبب جروحا عميقة في نفسه مما يشعره بالضعف ، والعجز ، و الاهانة .
التنمر الإجتماعي relational bulling :
هذا النوع من التنمر غالبا ما يكون مخفي ، إذ يهدف إلى إلحاق الأذى بالمتنمر به دون علمه .
كإطلاق الإشاعات عنه ، ونشر الأكاذيب قصد إيذاءه والإضرار بسمعته ، أو تقليده في طريقة كلامه ، أو مشيه ، أو ضحكته ، ما يسبب الاحراج للمتنمر به مما قد يؤدي إلى عزلته واستبعاده اجتماعيا .
التنمر الإلكتروني cyber bullying:
التنمر الإلكتروني ، هو نوع جديد ، ظهر بظهور و انتشار الأنترنيت ، و هو النوع الاكثر انتشارا الى جانب التنمر المدرسي، والتنمر المنزلي ، و يهدف إلى بعث رسالة مقصودة إلى شخص معين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، تحمل من الأذى النفسي ما يجرح مشاعره ويهينه و يحبطه .
وأغلب ما يعاني من التنمر الإلكتروني هم المشاهير أو كل شخص له فئة من المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي . ويحدث التنمر الالكتروني بارسال رسالة سب و شتم و اهانة الى المتنمر به ، عبر حسابه الشخصي او بنشر محتوى سلبي خاطئ وضار ، عن الشخص المقصود للإيذاء بسمعته والتقليل من محتواه أو فنه او مايقدمه ، أو التقاط صور جزئية للمتنمر به و إرسالها الى الاخرين للسخرية منه .
التنمر المدرسي :
التنمر المدرسي ، حالة يتعرض لها الطفل أو الطالب من قبل طفل اخر اقوى منه بدنيا او مجموعة اطفال ، وتكون إما بالضرب أو التهديد ، أو إغاظة ، أو تكشير الوجه ، والتي قد تصل أحيانا إلى سلب ممتلكاته .
ويعد التنمر المدرسي من بين أخطر أنواع التنمر ، وأكثرها انتشارا نظرا لما تسببه من مخاطر تؤثر على سلامة الطفل أو الطالب ، و تهدد مسيرته الدراسية ، و تفوقه الدراسي وكذلك علاقاته الاجتماعية اذ قد يصبح منعزلا ومنطويا ، و ليس لديه الرغبة بتاتا في ربط علاقات صداقة مع الاخرين . خاصة إذا كان طفلا ضعيفا و غير واثق بنفسه . و ينتج التنمر المدرسي عن أسباب عديدة : تتمثل في :
- رغبة المتنمر بإظهار قوته وسيطرته أمام زملائه .
- الرغبة في القيادة .
- المعاناة من الأنانية وحب الذات .
- غيرة الطالب او الطفل الشديدة من المتنمر به ، بسبب تفوقه الدراسي ، او علاقته الجيدة مع محيطه الدراسي وحب الاساتذة والاصدقاء له .
- التربية الخاطئة التي تلقاها الطفل المتنمر في بيته ، والتي كانت مبنية على الضرب والعقاب الصارم والحرمان ، والعنف .
- تأثره بالخلافات المنزلية كالصراع بين الابوين ، او الصراع داخل العائلة فينقل الطفل تلك العدوانية للمدرسة ، كونها في اعتقاده الطريقة السليمة للحصول على ما يريد او للتنفيس عن نفسه .
ولا يمكننا نفي دور المدرسة في ترسيخ سلوك التنمر ، من خلال غياب التوعية والتوجيه . كما انه احيانا نجد بعض المدرسين متنمرين ايضا .
غالبا ما يقع التنمر المدرسي في الصفوف ، او المكتبة ، او المختبر ، او قاعة الرياضة ، اوالملاعب ، او الحمامات ، أو حافلة المدرسة ، أوالطريق المؤدية من والى المدرسة .
وتجدر الاشارة الى ان التنمر ليس هو كل خلاف نشب بين طفلين أو طالبين ، إلا اذا اذا كان متكررا و مستمرا !
من الذي يتعرض للتنمر بشكل كبير ؟
- الطفل او الطالب المنعزل ، ويميل الى الوحدانية ، و تجنب الاختلاط باطفال اخرين . هو الاكثر تعرضا للتنمر المدرسي . أو الذين يعانون من تقدير ذاتي ضعيف ، او شخصية ضعيفة ، ولا يثقون بانفسهم اضافة الى من تلقوا تربية خاطئة مبنية على العنف المنزلي ، خاصة الضرب ، والتخويف ، و الحرمان المبالغ فيه .
وكذلك الاطفال الذين يتميزون ببنية جسدية ضعيفة ، أو الذين يبكون بسرعة بمجرد استفزازهم .
كيفية تجنب التنمر المدرسي :
لتجنب التنمر المدرسي وحماية الطفل منه ، يجب على الأهل :
- تعزيز ثقة الطفل بنفسه ، وذلك بعدم إحراجه أمام الاخرين ، و التقليل من شأنه .
- مشاركة الطفل مخاوفه ، وعدم السخرية منه ، عن طريق الاستماع إليه وتفهمه ، ودعمه نفسيا ، بدل السخرية منه ، وتصغيره ، او مقارنته ، او لومه ، أو تكذيبه .
- تشجيع الطفل بربط علاقات صداقة ، وبقاءه مع الجماعة .
- الابتعاد عن المتنمرين ، وعدم الرد عنهم في أول مرة .
- تعليمه كيفية دفاعه عن نفسه بالطريقة الصحيحة ، ان تمادى المتنمر في اذيته . وذلك عن طريق تلقينه أسس الدفاع عن نفسه ، وإيقاف المتنمر كلاميا وبشكل صارم ، كقول " توقف عن نعتي بهذا الاسم ، …. ".
وان حاول ضربه ان يمسك يده بقوه وينبهه بقوله " لا تلمسني مرة أخرى "، وان اعادها فسيواجهه بالضرب ايضا ، لان المتنمر شخص ضعيف للغاية يتوقف بمجرد ان يجد من يتصدى له ، وغالبا مايختار الشخص الضعيف لابراز قوته .
- عدم الدخول في شجار او عراك مع المتنمر من الوهلة الاولى فقط ايقافه كلاميا ، وابعاده ان حاول التقرب من الطفل . وان تمادى فليدافع عن نفسه بعد اخبار المدرس ، أومدير المدرسة .
وتبقى اهم نقطة في كل ما ذكر انفا ، هو تعليم الطفل نوعا من الرياضة ، كونها السبيل الأمثل في تعزيز ثقة الطفل بنفسه ، و تعلمه قدرة الدفاع عن نفسه ضد كل اعتداء قد يتعرض له ، ويفضل تعليمه بعض الرياضات التي تمنحه القوة الجسدية ان كان ضعيفا بدنيا .
أسباب التنمر :
- التنمر ، عادة سيئة وغير صحية ، تصدر من قبل أشخاص غير متزنين نفسيًا ، ويعانون من اضطربات نفسية أو فراغات ، أو اشخاص ليس لديهم ما يشغلهم في هذه الحياة ، فيقومون بدل إشغال أنفسهم بأشياء تفيدهم و تشعرهم بالرضى عن الذات ، بالتطفل و التنمر بالاخرين الذين يرون احلامهم تتحقق فيهم .
- إذا كان المتنمر به شخصا لطيفا ودودا لايرد الاهانة ولايتصدى للمتنمر به .
لذلك فغالبا ما نجد أن التنمر يطال الاشخاص المتمكنين ، والناجحين ، والذين يملكون مهارات وقدرات لا يمتلكها الاخرين . مما يشعر المتنمر بالضعف ، و النقص فيلجأ الى اقصر طريقة وهي محاولة احباط ، و تكسير المتنمر به عن طريق التقليل من شأن ما يفعله المتنمر به ، او السخرية منه .
وكلما كان المتنمر به شخصا لطيفا ولا يبدي ردة فعل ، ولا يقابل التنمر بالقوة والرفض كلما تمادى المتنمر به و زاد من حدة تنمره واذيته اكثر فاكثر . فهو غالبا ما يختار شخصا ضعيفا لا يرد الاساءة .
- إذا كان الشخص مشهورا و محبوبا :
كلما كان المتنمر به شخصا محبوبا كلما وجد حدة التنمر تزداد عنه من المضطربين نفسيا الذين لا يتحملون محبة الناس له . اذ يشعره ذلك بالضيق و الاحباط فيتنمر به بشتى الطرق .
- الصدق والامانة :
أكثر الناس عرضة للتنمر خصوصا في مجال العمل ، هم الاشخاص الصادقون اذ يضر المتنمر رؤية الشخص الصادق والامين في عمله ، مما يدفعه للهجوم عليه والتنمر به ، لاسكاته ، او اخافته لحماية مصالحه كون الانسان الصادق يكون محبوبا ومصدر ثقة ، واذا تحدث عن العمل مع رئيسه تحدث بصدق مما قد يضر بالمتنمر الذي غالبا ما يكون شخصا غير صادق في عمله .
كره المتنمر النجاح والتفوق :
وقد يكره المتنمر رؤية أحلامه وأمنياته تتحقق في شخص اخر ، مما يدفعه الى كرهه والتنمر به ، بكل الوسائل المتاحة لديه للتخفيف عن عجزه و ايذاء المتنمر به وتحبيطه .
- الغرور :
الاحساس بالغرور ايضا من اسباب التنمر ، اذ يشعر المتنمر به انه افضل وأعلى مرتبة من الاخرين ما يدفعه الى التنمر ممن هم اقل منه دون الاكتراث لمشاعرهم .
الغيرة والحقد والحسد :
وهذا راجع لعدم تحلي المتنمر بخصلة القناعة مما يدفعه إلى ذم كل سلوك ناجح حتى وإن أعجبه .
علاج التنمر :
كما أشرنا سابقا أن التنمر سلوك منبوذ ناتج عن شخص مضطرب نفسيا ، وغير متوازن . أو تلقى تربية خاطئة . ولعلاج صفة التنمر يجب على المتنمر :
- إعادة بناء الثقة في النفس واحترامها وتقديرها .
- ملأ وقت الفراغ بتعلم مايفيد ويملأ وقت الفراغ بدل مراقبة الاخرين ونجاحاتهم .
- ممارسة الرياضة بصفة دائمة للتخلص من الطاقة السلبية .
- التقرب من الله وتقوية الوازع الديني .
- التعرف على نقط الضعف والعمل على تقويتها.
وإذا عجز عن تجاوز هذه الافة ، فلابد له من استشارة نفسية حتى يتخلص من هذه الحالة التي تؤذيه وتؤذي غيره . بيد أن التنمر قد يتسبب في انهاء حياة انسان اخر اذا ما ضرب نقطة ضعفه .
أما المتنمر به "الضحية":
فعلاجه يكون عن طريق :
- تقوية ثقته بنفسه . وعدم الاستماع للفاشلين والتأثر بهم .
- الايمان بأن المتنمر هو شخص مريض نفسيا وغير متزن ، فالشخص السوي لا يمكنه ان يتنمر على اي احد مهما بدا ضعيفا امامه ، بل هو انسان يحترم الجميع باختلافهم .
- معاملة المتنمر على انه شخص مريض ، و المريض مرفوع عنه القلم ، فلو كان له خطط مرسومة واهداف في حياته ، لعمل عليها بدل اضاعة وقته في نسج خيوط الاكاذيب عن الاخرين ونشرها .
للحد من التنمر :
- عدم التدخل في حياة أي شخص أو إبداء أي رأي قد يجرحه حتى وإن بدا متقبلا الأمر ، الا انه دون شك شعر بالخجل ، واستقرت في وعيه .
- تجنب إبداء أي رأي بخصوص ملابس اي انسان ، أو شكله ، أو مهنته ، أو طريقة ضحكته ، أو كلامه ، أو صوته ، أو لونه ، أو جنسه ، أو دينه ، فما يهم هو فكره واخلاقه و مبادئه وليست مظاهره . كقول " لماذا تلبس نفس اللباس؟؟ ، أو هذا اللون لا يليق بك ، تسريحة شعرك قديمة أو ماشابه ذلك كون الناس أذواق والاذواق تختلف .
- الابتعاد كليا بنعث الاشخاص بالقاب " ولا تنابزوا بالالقاب "، لا تليق مهما كانت ، وأكثر ما يلاحظ هو نعث شكل الجسم " قصير ، طويل ، بدين ، نحيف .... او نعثه بصفات غير محمودة " كالابله ، والأمي وغيرها .مصداقا لقوله تعالى : " ولا يسخر قوم من قوم ".
من يدري فقد تضرب بهذا الكلام نقطة ضعفه ، و تعري ما يعتقد انه مخفي امام الاخر . و تسبب له اذى نفسي قد يؤدي به إلى اضطراب ، أو اكتئاب حاد أو مرض عقلي ، أو قلق ، أوتوتر ، تنتهي به الى الانتحار كما وقع مع العديد من مشاهير العالم ومنهم اليوتوبورز اليابانية .
فهل يرضى الانسان لنفسه ان يكون سببا في اصابة احد ما بأمراض عقلية ونفسية ، بكلمة القاها او تعليق لا يحسب له بال ، لكن قد تقع في نفس متلقيها و قد تنهي حياته !؟ " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده " .
عموما التنمر يرجع بالأساس إلى التربية الخاطئة ، فلو تلقى الطفل "رجل الغد" ، تربية مبنية على الاحترام ومبادئ التربية الإسلامية ، والصحيحة لما وجد التنمر الى المجتمعات الاسلامية سبيلا .
فالطفل يولد على الفطرة والمسؤول الاول عن تنشئته ، و تربيته تربية سليمة ، او مضطربة هما ابواه . حيث تبدأ التربية الصحيحة من المنزل ، كل راع وكل مسؤول عن رعيته " .
اقرأ أيضا :
التنمر المنزلي بأشكاله الزوجي والاخوي وبين احد الابوين تجاه الابناء او العكس .
تعليقات
إرسال تعليق