الحوار : تعريف الحوار، أنواع الحوار، الحوار السردي ،الحوار التناوبي ، الحوار الذاتي مع أمثلة .

الحوار : تعريف الحوار، أنواع  الحوار، الحوار السردي ،الحوار التناوبي ، الحوار الذاتي مع أمثلة
الحوار : تعريف الحوار، أنواع  الحوار، الحوار السردي ،الحوار التناوبي ، الحوار الذاتي مع أمثلة .

 الحوار le dialogue : 

الحوار لغة : المحاورة ، وهو مراجعة الكلام بين اثنين ، فأكثر ، قال تعالى :

     ” قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ، وتشتكي إلى الله ، و الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير” .  المصحف الشريف ، سورة المجادلة. الاية : 1.

والحوار ، بصفة عامة هو طريقة من طرائق التواصل القولي بين الشخوص ، أما في المجال الأدبي فقد ارتبط بكلام الشخصيات المباشرة بدون واسطة . 

إنه " أقدر الأساليب على إقناع القارئ ، بأن الشخصيات الروائية حية ، و هو كذلك أكثرها إثارةَ اهتمامِ القارئ ، و جلبا لاستماعه ". مقتطف من فريال كامل سماحة ، رسم الشخصيات في روايات حنا مينة ط . الأولى . ص37 . 

ولأنه أيضا " يمثل شكل أسلوبي خاص ، يتمثل في جعل الأفكار المسندة إلى الشخصيات في شكل أقوال ." كما قال الصادق قسومة في طرائق تحليل القصة . ص: 251.

كما يعد الحوار جزءا لا يتجزأ من تركيب النسيج اللغوي عند أي روائي .

عموما ، لقد عرف الحوار بطرق مختلفة ، و من زوايا متباينة ، فتارة يعرف بكونه " محادثة بين طرفين ، أو شخصين . وتارة أخرى يعرف بأنه " جملة من الكلمات تتبادلها الشخصيات ".

ويمكن التمييز في الحوار بين ثلاثة أنواع :


1: الحوار السردي :


1: الحوار السردي :

    هو الذي يعيد الروائي سرده ، بعد أن تكون الشخصيات تحدثت به ، أو تحاورت به فيما بينها ، و يعيد هو نظمه .

 والروائي في هذا النوع من الحوار يكون طرفا ثالثا ، إذا كان المتحاوران اثنان ، أو يكون رابعهم إذا كانوا ثلاثة ، وهكذا دائما هو ذلك الطرف الإضافي الناقل للحوار.

ويقوم هذا النوع من الحوار على مجموعة من الأدوات من ضمنها :

قال فلان بسخرية ، راح يفكر، همَّ فلان برهة ، صمت ، أجاب ، رد عليه بجفاء ... إلى اخره .

والهدف من وراء هذا كله ، تحديد الوضع النفسي للمتحدث ، أو المحاور ، وتقرير صورته الشخصية أثناء حواره مع الاخر أو مع نفسه .

وحتى لا نغرق في التنظير الذي تعج به الكتب ، سنقتبس بعض الأمثلة  لهذا النوع من الحوار ، من رواية الرهان الأخير البوليسية  قيد التحليل ، لعبد الإله الحمدوشي  لتتضح الصورة أكثر ويفهم بشكل أعمق :

" وقال لعثمان بلهجة آمرة : لماذا لم تعترف أمام الضابطة القضائية بجريمتك ؟ " 

ألقى عثمان نظرة مستنجدة ، على المحامي الجالس أمامه في حالة ترقب ، قال متعلما : أنا بريىء يا سيدي .

- الأدلة كلها ضدك . قال القاضي ، وهو يقلب أوراق المحضر

- أشاح عن عثمان ، ونظر إلى المحامي يستحثه على الكلام .

- حسنا يا أستاذ .

- ابتسم المحامي ، وانحنى ليكون مسموعا ، قال :

- نعم سيدي القاضي ، الأدلة كلها ضد موكلي ، ولكنه لم يعترف بارتكابه الجريمة ... " ص: 140 . من المرجع المذكور أعلاه .

ومثاله أيضا :

" نعم سيدي ، قال المحامي بثقة في النفس ، وإذا سمحت أطلب من سيادتكم أن يتم استدعاؤهم في أقرب وقت ".

-غذا الساعة الثالثة ، قال القاضي بلهجة صارمة ، وضغط بقدمه على جرس تحت المكتب ". ص : 142 . الرهان الأخير لعبد الإله الحمدوشي .

ومثل هذه النماذج  ، مذكورة بكثرة في الرواية قيد الدرس الرهان الأخير .


2: الحوار التناوبي :


2: الحوار التناوبي :

وهو حوار مباشر ، يُتبادل  فيه الكلام بين المتحاورين بدون وساطة ، وجها لوجه ، دون تدخل الراوي .

بمعنى يأخذ شكل استجواب بين شخصين أو أكثر ، دون وجود أي علامة انطباعية خاصة ، أو أفعال معلنة عن بداية الحوار، أو استئنافية أو نهائية من قبيل : رد ، قال ، أجاب.... كما رأينا في النوع السابق .

وعادة ما يكون الحوار التناوبي قصيرا ، يُستخدم إما لنقل معلومة ما ، أو خبر ، أو استفسار عن موضوع معين .

وكما تعودنا ، لابد من إدراج أمثلة حتى يستقيم المعنى .

مثاله من رواية الرهان الأخير،  لعبد الإله الحمدوشي ، ص : 69 .

- وعثمان أين كان ؟ .

- كان نائما ، من عادته أن ينهض في حدود العاشرة ، إذا لم يكن سيذهب إلى السوق !.

-لا إستيقظ  متأخرا ، حوالي الحادية عشرة ، جلس في المطبخ ، وطلب مني أن أهيء له كأس عصير برتقال .

3: الحوار الذاتي :



3: الحوار الذاتي :

هذا النوع من الحوار يعرف  بأسماء أخرى هي : الحوار الداخلي ، والحوار غير المباشر ، والحوار تيار الوعي ، و المونولوج.

وهو النوع الذي تديره الشخصية الروائية مع نفسها ، وكأنها تتحدث معها ، أو يمكن القول أنه حديث النفس . إنه خطاب الشخصية مع نفسها لحظات تأزمها .

ويساهم هذا النوع من الحوار ، في نقل الحياة الداخلية للشخصية بشكل تلقائي ، يسمح باستنباط الشخصية الروائية ، والتوغل في أعماقها ، وإزالة الستار عما يختلج الشخصية ، ويجول في خاطرها ، وما تخفيه من أفكار ، و أسرار وتأملات ذاتية .

وأيضا الهموم التي تنبثق في لحظات الأزمة الداخلية القصوى للشخصية و تمردها .

ويتخذ هذا النقل شكلا دائريا ، يخرج من النفس ويعود إليها ، إنه مسرحة الحياة الداخلية بامتياز !.

ويدخل ضمن الحوار الذاتي ، الحوار مع الجمادات ، و الحوار مع الحيوانات أيضا : ويعد  ذاتي لأنه لا يلتقي تجاوب ، أو رد من الشخصية الحيوانية ، أو الجماد الموجه له الخطاب  ، مثاله :

- " التفت إلى يوكي ، وصاح حانقا : تعال ، هنا ابن الكلب ". ص : 11 رواية الرهان الأخير لعبد الإله الحمدوشي .

وأيضا :

" فكر فيما ينتظره ، من ألم وعذاب بعد حين ، من أين يأتي بالجهد الذي يتعين عليه بذله ، إذا لم تكن نعيمة قد أشغلت روحه ". ص : 11 من المرجع المذكور انفا .

إلا أن هذا النوع قليلا ما نصطدم به في الرواية المدروسة ، إذ النوع الطاغي ، والذي يكاد يغطي الرواية كاملة ، هو النوع الأول ، الحوار السردي ، وهو النوع الشائع عموما في أغلب الروايات والقصص العربية .

تعليقات