الرواية البوليسية : رواية التشويق والإثارة :
تعتبر رواية التشويق والإثارة ، بمثابة النوع الثالث الذي يوحد بين الرواية اللغز، والرواية السوداء .
وهي نوع ضمن الأنواع البوليسية الشهيرة ، التي ولدت بعد سنوات طويلة للرواية البوليسية السوداء .
وقد اعتبرت رواية التشويق ، "الوسط" ميزة مفيدة لها ، لذلك احتفظت بالتشويق فقط ، دون النهل من الأنواع الأخرى، أو تقليد أي ميزة تربطها بها ، بل على العكس تماما. فرضت نفسها بميزة التشويق ، و في نفس الوقت فرضت تقوية الموضوع ، وإنشاء السر القديم .
ورواية التشويق ، من الروايات التي حاولت المرور من السر، أكثر من الوسط بالسلسلة السوداء .
وقد ظهر هذا النوع من الرواية البوليسية ، على مرحلتين :
المرحلة الأولى : لعب فيها دور الوسيط بين الرواية اللغز، والرواية السوداء .
المرحلة الثانية : تزامن وجوده مع الرواية السوداء .
وهاتين المرحلتين ، تتوافقان مع وجود نمطين من رواية التشويق:
النمط الأول : الذي يمكن تسميته ، "قصة المتحري " القابل للجرح ، وهذا النمط يلاحظ بشدة في روايات " Chandeler و Hammett” ، حيث يفقد المتحري خطه الرئيسي لمناعته ، وحصانته ، فيضرب ، و يجرح ، بل أكثر من ذلك حياته معرضة للخطر باستمرار، مما قد يؤدي إلى فقدانها.
ذلك لأنه باختصار، يشارك ويندمج في عالم الشخصيات الأخرى ، عوض أن يكون مشاهدا لها ، ومستقلا عنها ، وبالتالي محصن لا يصيبه أي شيء ، كما هو الحال عند Van din ، حيث نلمس تشابها ملموسا ل "المتحري القارئ" .
وهذه الروايات عادة ما تصنف ضمن الروايات السوداء . رغم أن تركيبها يقربها أكثر من روايات التشويق ، وذلك بسبب المحيط الذي تصفه .
أما النمط الثاني : فهو المتحري المشبوه ، كنمط اخر من أنماط ، روايات التشويق .
ويسجل عن النمط الثاني "المتحري المشبوه " ، كونه أراد بالتحديد التخلص من الوسط العرفي لممتهني الجريمة ، والعودة إلى الجريمة الشخصية لرواية اللغز .
وهي بنية امتثل لها الكل ، ونتج عنها ما سُمي بقصة المتحري المشبوه . حيث تقع الجريمة في الصفحات الأولى من الرواية ، وتتجه عيون الشرطة مباشرة نحو مشبوه معين ، الذي سيكون هو الشخصية الرئيسية .
ويتوجب عليه "أي المتحري المشبوه"، أن يعمل جاهدا ، و يبحث ليجد الجاني الحقيقي بنفسه ، لإثبات براءته بنفسه ، حتى لو تطلب الأمر المخاطرة بحياته .
وفي هذه الحالة يمكن القول ، أنه سيكون " المتحري المذنب" في نظر الشرطة ، و الضحية في نفس الوقت .
وهناك العديد من الروايات المبنية على هذا النموذج ، من أمثلته ، روايات Williams:
Charles, Partrich Quentin ... وغيرهم كثير .
وعليه ، وبعد مقاربتنا للأنواع الثلاثة : الرواية اللغز، و الرواية السوداء ، و الرواية التشويق .
نجد لمن الصعب بمكان الإقرار إذا كانت الرواية البوليسية ، قد مرت بمراحل تطور متتالية ، وهذا ما لمسناه جليا بعدما درسنا الأنماط الثلاثة ، السابقة الذكر .
وفي خضم هذه الأشكال ، يمكن القول أنها أشكال تواجدت في الوقت ذاته . أكثر مما مرت بمراحل متتالية .
وما يبرر موقفنا هذا ، هو تواجد نفس الأنماط لدى نفس الكاتب ، و الذي ساهم في الإنفتاح الكبير للرواية البوليسية ، و شق هذا التواجد ، من قبيل :
Connan Doyle , Mourice Leblanc...
وهذا ما يدفع الميول نحو الحل الثاني ، الذي يقر بتعايش الأشكال الثلاثة ، بشكل كلي وكامل ، وبنسبة أكبر .
كما نخلص أيضا ، إلى أن الرواية البوليسية ، قد عانت في لحظة من اللحظات من إكراهات ، ثم تخلصت منها لتفرض نفسها بتكوين رمز جديد .
ذلك أن قاعدة النوع ، كانت بمثابة إكراه ، و حجر عثرة في طريق تطورها منذ اللحظة التي أصبحت فيها الرواية البوليسية شكلا خالصا.
اقرا ايضا :
تعليقات
إرسال تعليق