الرواية البوليسية : الرواية السوداء والرواية اللغز الفرق بينهما .

الرواية البوليسية : الرواية السوداء والرواية اللغز الفرق بينهما . .


الرواية البوليسية : الرواية السوداء ،والرواية اللغز ، الفرق بينهما . 


 الرواية السوداء ، هي نوع اخر من الأنواع المنبثقة من الرواية البوليسية . وقد ظهرت  الرواية السوداء ، في الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد الحرب العالمية الثانية  بقليل ، و عرفت انتشارا واسعا ، واشتهرت أكثر بشكل كبير في فرنسا أيضا ،خاصة في السلسلة السوداء .

وتعرف الرواية السوداء ، باسم "القصة السوداء أيضا " . رغم أن هذا المصطلح يحمل مدلولا اخر .

والرواية السوداء عموما ، هي  رواية بوليسية ، تختلف تماما عن الرواية اللغز. فاذا كانت هذه الأخيرة  تبنى على قصتين مستقلتين .

 فان الرواية البوليسية السوداء ، تدمج قصتين معا  داخل الكتاب الواحد ، أو إذا صح التعبير ، فهي عكس الرواية اللغز، تزيل الحياة من القصة الأولى لتمنحها للثانية .

ففي الرواية السوداء ، نجد أن الجريمة سابقة للحظة الرواية التي يروونها لنا . بل أكثر من ذلك نجد أن الرواية تتصادف مع الحدث .

ذلك أن الرواية السوداء  تُقدَّم على شكل ذكريات ، لأنها لا تحتوي على قصة تهدف من ورائها الوصول إلى نقطة معينة ، يمكن من خلالها بناء أحداث ماضية ، لأن البحث في حد ذاته هنا يقوم مقام الماضي .

عكس الرواية اللغز ، التي قصتها تبنى على القصة المتنبأة مع ضرورة وجود سر . نجد أن الرواية السوداء تخلت عن هاتين الخاصيتين ، دون أن تقلص من اهتمام القارئ ، الذي يوجد على شكلين مختلفين بتاتا .

الاهتمام الأول : يمكن تسميته " الفضول "، أو "حب الاطلاع " ، بينما الثاني فيسمى "التشويق".

بالنسبة للفضول : حسب الدارسين والنقاد ، يبدأ من الأثر إلى السبب ، أي ما الذي دفع المذنب لارتكاب الجريمة ؟.

 أما التشويق فيبدأ من السبب إلى الأثر . حيث تظهر الأسباب ، و المعطيات المبدئية للجريمة ، "كقطاع الطرق الذين يقومون بضربات قاسية مثلا" ، الشيء الذي يولد الاهتمام لدى القارئ في انتظار ما سيقع ، أي الأثر ،" جثت ، اشتباكات ، جرائم ..."

وهذا النوع من الاهتمام نجده شبه منعدم ، في الرواية اللغز ، ذلك أن شخصياتها الرئيسية " المتحري ، صديقه ، الراوي ..." ، هي شخصيات محصنة لا يمكن أن يقع لها أي شيء. 

بينما هذا الوضع ، نجد نقيضه تماما  في الرواية البوليسية السوداء ، حيث أن شيء ممكن ووارد ، بل أكثر من ذلك نجد أن المتحري يخاطر بحياته وصحته .

وهذا التضاد والتناقض بين الرواية السوداء ، و الرواية اللغز ، يشبه إلى حد ما التعارض بين قصتين و قصة واحدة . إضافة إلى أن الترتيب هنا ، هو ترتيب منطقي ، لا تاريخي . 

وتجدر الاشارة الى ان الرواية السوداء ، لم تكن بحاجة إلى هذا التغيير لبروزها ، وفرض نفسها داخل الأنماط البوليسية .

ولسوء حظ المنطق ، أن هذه الأنواع لا تتكون بالتماثل ، والتطابق مع المواصفات البنيوية ، وإلا كانت ستظل طريقها كما حدث مع بعض الأنواع الأدبية الأخرى ، التي كانت تحاول البحث عن ترتيب منطقي للأنواع فظلت طريقها .

ففي الرواية البوليسية ، عندما يخلق نوع جديد داخلها ، لا يكون مطالبا بالضرورة ، أن يكون عنصرا من العناصر الحاضرة في النوع الذي قبله . 

مما يعني أن الاثنان معا ،  يرمز كل منهما  إلى عناصر مختلفة تماما عن الاخرى . بمعنى أنه يمكن أن يكون كل نوع مستقل بذاته عن الاخر ، و لا يشبهه في شيء .

لذلك نجد أن الرواية السوداء العصرية ، لا تتمحور أبدًا حول مرحلة التقدم ، بقدر ما تتمحور حول الوسط الممثّل ، و الشخصيات والعادات الخاصة .

وبعبارة أدق ، تتمركز حول الميزة المكوِّنة ، التي تكمن في المواضيع  ،كما وصفها Marcel  Duhamel سنة 1945 .

حينما اكتشفها في فرنسا ، قائلا :

" العنف بكل أشكاله ، و الأكثر بشاعة -الضرب والمذبحة". إلى جانب طبعا الحب المتدفق والمتوهج ، والعاطفة المشتتة والكره..." في إشارة منه إلى أن هذا النوع ، يمثل الفساد أكثر بكثير من الأحاسيس الجميلة .

لكن في الواقع ، و إذا ما احتكمنا للمنطق ، نجد أن هناك بعض الثوابت الأساسية التي تتكون منها الرواية البوليسية بصفة عامة : " كالعنف ، والجريمة اللأخلاقية ، و لا أخلاقيات الشخصيات ، إضافة إلى الحضور الضروري " للقصة الثانية " ، التي تدور أحداثها في الحاضر بشكل ممركز.

وتبقى إزالة القصة الأولى ليست بميزة هامة ، في الرواية السوداء ، بيد أن وظيفتها ثانوية وتابعة ، و ليست رئيسية كما في الرواية اللغز .

على اعتبار أن الكتاب الأوائل Hammett و ، R.Chandler  ، كتاب السلسلة السوداء ، يحفظون السر! وهذا أكثرما يميزها .

و حفاظ الرواية السوداء على استقلاليتها ، بالتحديد هو ما سمح  بتكونها ، وهذا أيضا ما أكده وأعلنه كاتب الرواية السوداء " Van din “1928. حينما وضع عشرون قانونا ، وجب على كل كاتب رواية بوليسية الالتزام بها ، واحترامها .

وهي قوانين كان متنازع عليها ، كونها تفرض وصف أنواع الرواية البوليسية . إضافة إلى كونها قوانين مكررة في شكلها ، لذلك تم تلخيص أهمها  في ثمان  نقاط مهمة هي :  

     1:    يجب على كل رواية أن تتوفرعلى متحرٍّ، ومذنب ، و ضحية " جثة على الأقل .

     2:  على المذنب أن لا يكون مجرما مهنيا محترفا ، كما أن المتحري لا يجب أن يُقتل            لأسباب شخصية .

     3: لا وجود للحب في الرواية البوليسية .

     4: ينبغي على المذنب أن يتمتع ببعض الأهمية  :

                 أ - في الحياة : ألا يكون خادما ، أو خادمة .

                 ب-في الكتاب : أن يكون من الشخصيات الرئيسية .

     5:  ينبغي أن يُفسر كل شيء بشكل منطقي ، فلا وجود للخيال ، بل غير مسموح به              بتاتا .

      6 : لا وجود للوصف و لا حتى للتحاليل النفسية . 

      7  : خلاف تعليمات القصة ، يجب الامتثال ، للتماثل التالي :

                 " كاتب، قارئ = مذنب ، متحر".

      8:  يجب حذف الأوضاع ،  و الحلول غير المجدية .  

 وإذا ماتمت مقارنة هذه القوانين الثمانية مع وصف الرواية البوليسية ، نجد أن جزءا كبيرا منها ينطبق على كل رواية بوليسية.

وبشكل فضولي ، يتصادف هذا التطابق مع التقسيم ، و مع القوانين المحددة للرواية اللغز .

خصوصا ، فيما يتعلق بالمواضيع والحياة ، الممثلة في القصة الأولى على الخصوص .

خاصة القوانين من رقم 1 إلى رقم 4 - أ . وهي قوانين صالحة للرواية السوداء أيضا. 

أما باقي القوانين فهي عامة على الرواية البوليسية بصفة عامة ، و بشتى أنواعها . 

إذ نجد أن هناك أكثر من متحر " ملكة التفاح chester hyme ، وأكثر من مجرم J.H.Dugoante.

 وهذا المجرم يتصف كونه مهني ومحترف ، ولا يقتل إلا لدواع شخصية ، " مجرم مأجور ، أو القاتل بأجور . 

اقرا ايضا :


الرواية البوليسية : أنواع الرواية البوليسية - رواية التشويق والإثارة .


تعليقات