الرواية البوليسية , مفهوم الرواية البوليسية , الصعوبات والتهميش.

الرواية البوليسية , مفهوم الرواية البوليسية , الصعوبات والتهميش.

الرواية البوليسية ، مفهوم الرواية البوليسية ، الصعوبات والتهميش.


الرواية البوليسية ، من الفنون الأدبية القائمة بذاتها ، قوامها الإثارة والتشويق ، وهي جنس أدبي حديث العهد ، مقارنة مع أجناس أدبية أخرى ضاربة في القدم . حتى وإن كانت تبدو لنا نحن قراء الأدب العربي المعاصر،  فنًا قديمًا ،  ومتجدرا في التراث الأجنبي .

ويرجع هذا الاعتقاد إلى أن المصادر الأولى ، والمكونات السردية الأصلية للرواية البوليسية ، تعود إلى أصول أجنبية ، و لم تصلنا نحن العرب ، إلا في العصر الحديث والمعاصر .

وتعد الرواية البوليسية ، أكثر الأجناس الأدبية شيوعا ، وانتشارًا . ولها شعبية وقاعدة جماهيرية عريضة من القراء .
 
وذلك راجع الى قوامها المبني على الإثارة والتشويق ، ومشاهد متعة الحكي والخيال، والمشاركة في فك الألغاز  . 

وتكمن جمالية الراوية البوليسية  في جذب القارئ ، وإدخاله في مغامرات عقلية ،   تجد معها النفس البشرية لذة اللعب ، وتمارين التفكير والاستقرار ، والتعايش ، فضلًا عن اندماجه مع الشخصيات في محاولة منه تفكيك اللغز ، و إيجاد المجرم  الحقيقي ،
مما دفع العديد من النقاد إلى تسميتها بأدب التسلية أو أدب الجريمة .

فعندما يعرض مؤلف الرواية البوليسية ، "المشكلة" أو" الجريمة" ، ويقدم المعطيات للبحث عن الحل ، هنا يتحول القارئ مباشرة إلى مشارك في التحري ، ويحاول جاهدا إلى نزع القناع عن المتهم .

ورغم ان  الرواية البوليسية عمل تخييلي ، يتم فيه تمثيل تحقيق حول جريمة أو اغتيال ، أو قتل شخص ، أو أكثر ، الا انها تبدا ببداية لأحداث مرتبة و ارتدادية .

ارتدادية لماذا !!؟؟
كيف لا ؟ وهي قصة تحقيق ، وليست قصة حدث !!
 ارتدادية ، لأنها تبدأ بجريمة قتل ، وتنتهي بكشف القاتل ،  حيث لا تسير من السبب إلى النتيجة ، وإنما بالعكس تماما . من القتيل إلى القاتل ، اي نجد الضحية ثم القاتل .

كما ان بداية الرواية البوليسية ، بداية متميزة عن باقي بدايات الفنون الحكائية الاخرى ، وذلك لانها تبدأ بالغموض "الجهل" ،- في محيط مغلق- إلى المعرفة ، في خط تسلسلي وبعمل خارق يقوم به البطل "الخارق". الذي هو "المخبر السري" هذا الاخير، الذي يتميز بذكاء وفطنة عاليين ، في محاولة جادة لحل لغز الجريمة مع مساعده المخلص .

أما أفراد الشرطة ، فغالبا ما يظهرون في حيرة، ولا حيلة لهم ، مرتبكين . فضلًا عن الشبهات التي تحوم حول أشخاص أبرياء ، يستنطقونهم الواحد تلو الاخر، إلى أن تظهر المفاجئة التي تحل لغز القضية ، وتكشف المجرم الحقيقي . 

ومن الصعوبات التي تواجه كتاب هذا النوع الادبي الراقي ، باعتباره فنا يحاكي الواقع ، و  بمثابة " مراة تجوب الشوارع" . كما عبر عن ذلك" ستاندال" . 

عدم تشجيع المجتمع العربي للكتاب ، اذ من الصعب جدا حصول الكاتب على ملفات من ادراج المحاكم ، او مخافر الشرطة لكتابة رواية بوليسية ، خصوصا  وان هذه الاخيرة تعتمد في كتابتها بالاساس على مواضيع ، وظواهر اجتماعية تمس امن المجتمع عامة ، من "جرائم قتل ، و اغتصاب ، و اتجار في المخدرات ، و نصب واحتيال ..." .

هذا فضلا ، عن عدم اقباله "اي الجمهورالعربي" ، على قراءة الروايات البوليسية العربية ، وخير مثال على ذلك رواية "الحنش" للكاتب المغربي العالمي  الكبير "عبد الاله الحمدوشي" ، التي حققت نجاحا كبيرا كفيلم مصور، في الوقت الذي لم تنجح فيه الرواية المكتوبة نفس النجاح. 

مثلها مثل باقي اعماله التي اخرجت كلها للتفاز المغربي ، وحاز على اثرها الحمدوشي على جائزة السيناريو من التلفاز، و السينما المغربية ، في المشهد الادبي العربي . 

وقد كتب ثمان روايات بوليسية ناجحة جدا ، وهو صاحب الرهان الاخير التي تعد اول رواية بوليسية عربية ترجمت الى الانجليزية.

وللاشارة هو كاتب مغربي مشهور. ترجمت اعماله لعدة لغات ، ولقيت نجاحا كبيرا غير الذي  تجده باللغة الام "العربية" ، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على مشكل القراءة في الوطن العربي ايضا .

وتجدر الاشارة ، الى ان الرواية البوليسية ليس هو الاسم الوحيد لهذا النوع الأدبي ، وإنما هناك أنواع أخرى  تنبثق وتتفرع منها ، رغم أن كل  نوع  يختلف قليلا عن النوع الآخر . نذكر منها : 

رواية الجريمة
رواية المخبر السري رواية التجسس
رواية العميل السري
رواية التشويق والإثارة
الرواية اللغز
الرواية السوداء

 غير ان الملاحظ ان الرواية البوليسية في العالم العربي ، لم تستطع ان تجد لها مكانا خاصا . قراءة و كتابة تحقق من خلاله تيار ادبي مستقل بذاته ، او اتجاه مميز في الادب العربي المعاصر. 
الشيء الذي يطرح التساول التالي : 

هل هذا راجع الى كتاب الرواية البوليسية العربية ، الذين ينظرون اليها ، كفن  ليس الهدف منه سوى التسلية ، وليس لها دور التعبير عن افكار او فلسفة الكاتب و توجهه ؟ ،
ام راجع الى نظرة الاستصغار التي ينظر بها البعض الاخرلها ، حيث  يجد صعوبة حتى في تصنيفها كنوع ادبي محض ؟ ، ام ان البنى الاجتماعية ، والقانونية التي لا تسمح بتطور هذا النمط الروائي ؟؟

تساؤل منطقي وجب التوقف عنده ، اذ من الغريب ، ان هذا التهميش الذي تعرفه الرواية البوليسية العربية ، تعيش نقيضه تماما الرواية الغربية . 

هذه الاخيرة التى تعرف انتشارا منقطع النظير قراءة ، ولها جمهور وفي يعد بالملايين. وخير دليل على ذلك ، عدد الطبعات والمبيعات التي تصدر عن كل رواية بوليسية خرجت للوجود، والتي تباع بملايين النسخ منها سنويا. 

بينما في العالم العربي، تعيش نقيضا مهولا .اذ لا تعرف نجاحا عاليا قراءة ، بينما مواضيعها المصورة تعرف نجاحا جماهيريا كبيرا .

تعليقات